لطب الداخلي العام أو “الداخلية العامة” هو اختصاص طبي يتناول التشخيص والعلاج والوقاية من الأحداث المرضية غير الجراحية عند البالغين بالإضافة إلى تحضير المريض للعمل الجراحي.
هذا الاختصاص متنوع بشكل كبير لأنه يتناول جسم المريض بكامله. وبالإضافة إلى ما يشير إليه اسمه الذي يوحي بأنه يتعامل مع أعضاء الجسم الداخلية، فإن الطبيب يتعامل أيضاً مع الظروف الصحية المؤثرة على المريض والعوامل المسببة للأمراض، بالإضافة إلى الدور الذي يقوم به في الوقاية من هذه العوامل بعد كشفها والتعامل معها ضمن خطة المعالجة.
يقابل أطباء الداخلية مرضاهم ويتحاورون معهم لمعرفة المزيد عن حالتهم المرضية، فأسلوب الحوار له دور مهم في التشخيص السريري للمرض. ويعتبر الطبيب الذي يملك القدرة على الحوار والمقاربة بأسلوب يريح المريض نفسياً من أكثر الأطباء الداخليين نجاحاً.
يعالج الأخصائيون في الطب الباطني حالات كثيرة ومتنوعة، فأطباء الداخلية لم يلتزموا باختصاص فرعي معين في السنوات السابقة ومن الممكن أن يتعاملوا في تدريبهم مع أية حالة طبية معقدة غير جراحية، لكن نمط الممارسة العام هذا أصبح أقل شيوعاً في وقتنا الحاضر.
يخضع أطباء الداخلية لتدريب سريري ونظري مُطوّل حول تخصصهم، ويتوجب عليهم اكتساب خبرات خاصة في استخدام الأدوية والعلاجات الطبية بعكس الجراحين. وقد يكون مكان عملهم في المستشفيات والعيادات الخاصة.
يمكن للطبيب استخدام مختلف التقنيات التشخيصية (التحاليل المخبرية والاستقصاءات الشعاعية الضرورية وحتى التنميط الوراثي..) للحصول على المعلومات المتعلقة بحالة المريض والتي تساعده في تشخيص المرض.
علاقة طبيب الداخلية مع المريض:
هي علاقة مباشرة، حيث يقوم عادة بتقرير خطة معالجة المريض إلى مدى بعيد، وغالباً ما تكون الفائدة العلاجية في تدبير المرضى تبعث على الرضى مع نسبة جيدة أو مقبولة من الشفاء. ولا يخلو الأمر في اختصاص الداخلية العامة من التعامل مع الحالات الميؤوس منها.
يخضع الطبيب في هذا الاختصاص إلى الكثير من الضغط من حيث التعامل مع الحالات الحرجة واتخاذ قرارات آنية، والتعامل مع أكثر من مريض في وقت واحد، خاصةً في غرف العناية المشددة والإسعاف بينما يقل الأمر في العيادات.
قد يتطلب هذا الاختصاص تكوين علاقة طويلة الأمد مع المريض، حيث يجب على المريض أن يراجع طبيبه حتى انتهاء الفترة العلاجية بالنسبة للأمراض الخفيفة ولفترات طويلة جداً عند متابعة حالات مزمنة أو انتهائية.
أماكن الممارسة:
يستطيع طبيب الداخلية أن يمارس عمله في العيادة، المستشفى، والمراكز الطبية، حيث يمكن للطبيب أن يقوم ببعض الإجراءات التشخيصية في العيادة مثل فحص سكر الدم أو إجراء تخطيط القلب الكهربائي، بالإضافة إلى بعض الإجراءات العلاجية.
يعتمد طبيب الداخلية على خبرته الشخصية وذخيرته المعرفية بشكل كبير دون الحاجة إلى مهارة يدوية عالية، حيث تلعب الخبرة المهنية للطبيب دوراً هاماً جداً في نجاحه.
تجهيز العيادة:
لا يحتاج طبيب الداخلية إلى أدوات أو تجهيزات مكلفة، ولكن يتوجب عليه تحقيق شروط وزارة الصحة في مواصفات عيادته من حيث المساحة والتهوية والتكييف والشروط الصحية الضرورية، وأن يجهز هذه العيادة بمستلزمات الفحص الضرورية التالية:
-
اللباس الطبي اللائق
-
سرير فحص طبي
-
فرش مكتبي لائق
-
سماعة طبية مع جهاز لقياس الضغط الشرياني، ويفضل الزئبقي
-
ميزان حرارة
-
مقياس للوزن والطول
-
جهاز تخطيط قلب كهربائي
-
جهاز قياس الأوكجسين (Pulse oxymeter)
-
حقيبة الأدوية الإسعافية (بشكل رئيسي: أدرينالين، هيدروكورتيزون، ديازيبام، فينتولين.. إلخ)
-
جهاز تحليل السكر الدموي
-
جهاز الإرذاذ (لمرضى الربو)
-
معقمات ومطهرات طبية خاصة
-
القطن الطبي
-
قفازات طبية معقمة
-
الضمادات والأربطة
-
مرجع طبي، مع مرجع دوائي (بالأسماء العلمية والتجارية)
-
عناوين وأرقام جميع المستشفيات المتوفرة والقريبة من العيادة، وكذلك رقم مركز السموم
-
أدوات لتثبيت العمود الفقري القطني والرقبي والأطراف عند الكسور، وهي بسيطة الاستخدام لحماية المناطق المصابة
-
المراهم والأدوات الخاصة بتدبير الحروق
-
ويمكن إضافة جهاز الإيكو البطني عند خضوع الطبيب لدورات تؤهله لاستخدام هذا الجهاز.
-
ومن الضروري طبعاً تزيين العيادة بشكل لائق من حيث استخدام اللوحات الطبية التي تحمل في نفس الوقت فائدةً في توعية المريض وتثقيفه صحياً.
أهمية فريق العمل المرافق لطبيب الداخلية:
إن نجاح طبيب الداخلية في المستشفى يعتمد بالإضافة للخبرة المهنية على فريق العمل المرافق له من خلال التنسيق والإشراف وتوزيع العمل بشكل منظم، فلكلٍ مهمته:
فريق التمريض: من خلال إعطاء الأدوية المناسبة بكل دقة وحذر ومعرفته بالدواء ونوعيته وأهم اختلاطاته وكيفية إعطائه.
الطبيب المقيم: من خلال متابعة توصيات الطبيب المشرف وفحص المريض المتكرر واتخاذ الإجراءات الآنية الإسعافية عند الضرورة.
الطبيب المشرف: وهنا تأتي مهمة طبيب الداخلية من خلال خبرته السريرية ومحاولة تنظيم العمل في المكان الذي يعمل فيه ومتابعته هذا التنظيم من خلال الزيارات المتكررة والجولات المستمرة.
الفريق الإداري في المستشفى: يملك أيضاً دوراً مهماً من خلال توفير المستلزمات الضرورية لعمل الطبيب وفريق التمريض، وغيرها من مستلزمات تتعلق بمآخذ الأوكسجين وتوفير المكان الصحي الجيد للمريض، مع الإشراف المباشر على الفريق المهني المختص بإجراءات التطهير والتعقيم للأماكن الحساسة في المستشفى والأدوات التي يُعاد استعمالها مرة أخرى.
بالتالي فإن لتكامل عمل فريق طبيب الباطنة الدور المهم والواضح في نجاحه والحصول على النتيجة الأفضل وهي تحسن المريض وشفاؤه، فمن خلال عناصر هذا الفريق نجد أنه عندما يوفر الفريق الإداري للمستشفى المستلزمات الضرورية والعناصر الخدمية للمريض (السرير الجيد، المكان المعقم، التطهير الجيد للأدوات المستخدمة في الفحص..)، وعندما يضاف له العناية الجيدة بالمريض من قبل الطبيب المقيم وفريق التمريض فإن النجاح سيُكلل عمل الجميع.
أهمية العلاقات الواسعة لطبيب الداخلية مع غيره من الأطباء:
يجب أن يحتفظ طبيب الداخلية بعلاقات واسعة مع باقي الأطباء بغرض تحويل مرضى الحالات التخصصية إليهم، لأن المريض غالباً ما يراجع طبيب داخلية عامة عند المراجعة الأولى للشكوى الرئيسية، وهنا يكمن دور آخر مهم لهذا الطبيب من خلال معرفته الجيدة بالمستشفيات والأطباء واختصاص كل منهم، كما تعتبر هذه المعرفة الواسعة ضرورية من أجل الاستعانة بآراء بعض المختصين بفروع أخرى في التعامل مع حالات خاصة من المرضى.
ينطوي هذا الاختصاص على المنافسة إلى حد ما، وتعتبر القراءة اليومية والمتابعة الدائمة أساسية جداً من أجل متابعة الجديد في الطب وتغييرات قواعد العلاج ومعاييره والتي توضع دورياً من قبل الجمعيات الطبية العالمية المختصة ومنظمة الصحة العالمية. فمثلاً قد يتم الإعلان عن سحب أحد الأدوية من السوق بسبب اكتشاف تأثير جانبي خطير على المريض، وبالتالي فإن عدم اطلاع الطبيب على هذه المواضيع قد يسبب له بعض الإشكالات مع مرضاه الذين علموا عن طريق الإعلام (صحافة، انترنت..) أن هذا الدواء قد تم التوقف عن استخدامه، مما يؤدي إلى فقدان الثقة بالطبيب.
أمراض كل يوم:
تختلف الحالات المرضية التي يتعرض لها طبيب الداخلية باختلاف مكان ممارسة العمل، بين الحالات الباردة نسبياً كما في مرضى العيادات، والحالات الحرجة المُصادفة في الإسعاف والعنايات المشددة).
أشيع الأمراض التي يتعامل معها طبيب الداخلية في العيادات هي:
-
أمراض المفاصل لا سيما التنكسية
-
آلام أسفل الظهر
-
تتنوع باقي الحالات بين السكري والضغط والصداع والقصور الكلوي المزمن وغيرها.
أشيع الحالات المرضية التي يتعامل معها طبيب الداخلية في الإسعاف هي:
-
القلبية: المتلازمة الإكليلية الحادة، قصور القلب مع انكسار المعاوضة، اللانظميات، الصدمات (نقص الحجم والقلبية والانتانية)
-
الصدرية: هجمات الربو والداء الرئوي الساد المزمن، الصمة الرئوية، ذات الرئة
-
الهضمية: التهاب المعدة والأمعاء، النزف الهضمي العلوي، التهاب البنكرياس الحاد، التهاب الطرق الصفراوية، اختلاطات التشمع
-
الغدية: الحماض الخلوني السكري، وسبات فرط التناضح
-
الرثوية: التهاب المفصل القيحي، اختلاطات الذئبة الحمامية الجهازية
-
الدم: حمى نقص العدلات، حالات فقر الدم الانحلالي بأنواعها، اضطرابات نقص الصفيحات وعوامل التخثر
-
العصبية: الحوادث الوعائية الدماغية، الاختلاجات والحالة الصرعية، التهاب السحايا والتهاب الدماغ، خثار الجيوب الوريدية، الغشي وتغيم الوعي
-
الكلية: القولنج الكلوي، القصور الكلوي الحاد، التهاب الحويضة والكلية، الحالات التي تستوجب إجراء تحال إسعافي، اضطرابات الشوارد
علماً أن الحالات التي يواجهها طبيب الداخلية متنوعة، تغلب عليها الحالات الحادة وتليها الحالات المزمنة ثم المتابعات الروتينية مع نسبة شفاء جيدة، والأمر نسبي بين الحالات المرضية فيما يتعلق بعدد كبير من الأمراض.
أهمية الاختصاص:
يكتسب اختصاص الداخلية أهميته من كونه يتعامل مع كامل الجسم، وهو يعتبر الملجأ الرئيس لجميع الجراحين بكافة الاختصاصات لمعرفة جاهزية مرضاهم للعمل الجراحي من النواحي الداخلية المختلفة، وتحديد خطورة العمل الجراحي، واحتمالية حدوث الاختلاطات التالية لإجرائه، ولكن عند وجود كامل التخصصات الفرعية في مركز ما، فإن أطباء القلبية والصدرية.. إلخ، هم الذين يقدمون هذه الاستشارات.
ومن ناحية أخرى فإن طبيب الداخلية هو أول من يشاهد المريض في بعض الأحيان بسبب صعوبة توجه المريض إلى الطبيب الأخصائي بمرضه، ويقوم طبيب الداخلية هنا بالفحص الجيد وتحويل المريض إلى الأخصائي المناسب، عندما يرى ضرورة أن يتابع المريض من قبل ذلك الأخصائي.